دهيا، ملكة الامازيغ
تاريخ الأمازيغ المنسي: دهيا الأمازيغية: سموها حارقة البيوت ورموها بامتهان الشعوذة وشككوا في أصلها لأنها رفضت الخضوع لأطماع العرب بالشمال الأفريقي

وقد تنازعت الأقوام اسم هذه الزعيمة الشجاعة، لحد أن بعض الكتاب اليهود سموها ديبورا وهو اسم يهودي معروف أو كهينا نسبة إلى اسم الكوهن، أما الكتاب العرب فسيلصقون بها جميع الصفات المحطة بالإنسان بسبب مواجهتها للفاتحين المسلمين وعدم قبولها بالتسليم في أراضي البربر لصالح هؤلاء الغزاة القادمون من الشرق.
ويضيف ابن خلدون: قال هاني بن بكور الضريسي: ملكت عليهم (أي دهيا) خمساً وثلاثين سنة وعاشت مائة وسبعاً وعشرين سنة. وكان قتل عقبة بن نافع في البسيط قبلة جبل أوراس بإغرائها برابرة تهودا عليه وكان المسلمون يعرفون ذلك منها. فلما انقضى جمع البربر وقتل كسيلة زحفوا إلى هذه الكاهنة بمعتصمها من جبل أوراس وقد ضوي إليها بنو يفرن ومن كان بإفريقية من قبائل زناتة وسائر البتر فلقيتهم بالبسيط أمام جبلها. وانهزم المسلمون واتبعت آثارهم في جموعها حتى أخرجتهم من إفريقية. .
دهيا خلفت كسيلة البربري بعد موته في زعامة البربر الأحرار. دهيا، فارسة البربر التي لم يأت بمثلها زمان، كانت تركب فرسا وتسعى بين القوم من طنجة إلى طرابلس، تحمل السلاح لتدافع عن أرض أجدادها إمازيغن... دهيا كانت تتنبأ بالغيب وسط قومها البربر الرافضين لسلطة الغزاة العرب. دهيا واجهت الفتح الإسلامي بعد أن ملكت جبال الأوراس وتزعمت أمر دولتها بقبضة من حديد. كانت امرأة قوية الشكيمة، تولت زمام الحكم بحكمة وحزم قل نظيرهما في التاريخ.

وقد جاء في كتاب تاريخ ابن خلدون أن حسان بن النعمان الذي أرسله الأمويون على رأس مجموعة من الجنود، قال: دلوني على أعظم من بقي من ملوك إفريقية، فدلوه على دهيا. وقد اجتمع حولها البربر بعد قتل كسيلة، فسأل أهل إفريقية عنها فعظموا محلها وقالوا له: إن قتلتها لم تختلف البربر بعدها عليك. فسار إليها، فلما قاربها هدمت حصن بغاية ظناً منها أنه يريد الحصن، فلم يعرج حسان على ذلك وسار إليها، فالتقوا على نهر نيني واقتتلوا أشد قتال رآه الناس واستبسلت دهيا أيما استبسال، فانهزم المسلمون وقتل منهم خلق كثير، وأسر جماعة كثيرة أطلقتهم الكاهنة سوى خالد بن يزيد القيسي، الذي اتخذته ولداً بعد أن أرضعته من حليب ثديها. وقد أورد ابن الرفيق وصفا عجيبا تبناه المؤرخون بعده، وبدون أدنى اعتراض، قال: "وأن الكاهنة قالت لخالد: "ما رأيت في الرجال أجمل منك، ولا أشجع، وأنا أريد أن أرضعك، فتكون أخا لولدي"، فقال لها وكيف يكون ذلك، وقد ذهب الرضاع منك، فقالت: "إنا جماعة البربر لنا رضاع إذا فعلناه تتوارث به، فعمدت إلى دقيق الشعير، فتلته بزيت، وجعلته على ثدييها، ودعت ولديها، وقالت لهما كلا معه على ثديي، وقالت لهم: إنكم قد صرتم إخوة".


انتظر حسّان بن النعمان، الذي كان يتولى قيادة جيوش الغزو الإسلامي، ثم هاجمها مجدداً بعدما أُرسلت إليه الإمدادات العسكرية. التقى الجمعان واقتتلا واشتد القتال وكثر القتل حتى ظن الناس أنه الفناء، ثم انتصر المسلمون وانهزم البربر وقتلوا قتلاً ذريعاً، وانهزمت ملكة البربر دهيا، ثم أدركت فقتلت عام 74هـ.
هل صدقت نبوءة دهيا الأمازيغية بانتصار المسلمين على يد أحد أبنائها؟
ربما يكون ابنها الأكبر هو المقصود أو تقصد بابنها رجل من البربر والسلام، فالمعروف أن ابنيها تقدما جيوش المسلمين بعد أن عفا عنهما بن النعمان إثر أسرهما واعتبارهما موالي. قادا الجيوش ليفتحا البلاد ويخضعا الثائرين من بزنطيين وبربر متمردين. ولربما يكون طارق بن زياد هو من يجسد نبوءة دهيا البربرية عندما سار من طنجة إلى الأندلس على رأس جيش يقدر بمئات الآلاف أغلبهم بربر. وهكذا نشر المسلمون الإسلام في بلاد البربر على يد البربر أنفسهم، كما عوضت اللغة العربية اللغتين اللاتنية والإغريقية من طرابلس إلى طنجة، لكن اللغة الأمازيغية، كما تقاليد البربر، ظلت قائمة إلى اليوم.
في مقطع مسرحي من مؤلفه حرب الألفيتين ( La guerre de deux mille ans)، يقول الكاتب الجزائري كاتب ياسين: تقول دهيا للبربر البدويين: "يدعونني الكاهنة، وأنتم البربر، مثلما كان الرومان يلقبون أجدادنا برابرة. نحن في هذه الأرض نحارب البربرية. على أية حال، وداعا يا تجار العبيد، سأترك التاريخ في قلب أطفالي وأحفادي، وسأترك الأمازيغية في قلب شمال إفريقيا .
دهيا، ملكة الامازيغ
Reviewed by Unknown
on
4/02/2010 10:31:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: